10.4.12

Threshold Enthalpy



أكثر ما قد يسعد الانسان هو كونه منتمي لفئة ما تتمتع بامتيازات لا يتمتع بها معظم من حوله ، تبعث هذه السعادة للانسان نشوة تزداد طرديا بمرور الوقت حتي يصل للنقطة التي يواجه حينها طبيعة انتماءه لهذه الفئة ، يكون امام الانسان اختيارين اما الاستمرار او المقارنة.
و بنظرة شمولية تختلف طول المدة التي يحتاجها الانسان لتغيير طبيعة انتمائه لاي شيء ، فمن يسهل عليه ان يغيير سيارته ، هاتفه او نظام تشغييل حاسوبه يكون تغيير مثل هذه الاشياء صعب جدا لاشخاص اخرون و لاسباب مختلفة. تتعدد المتغيرات في المعادلة المعبرة عن هذا التغيير. يتدخل العمر ، فالاصغر سنا يسعي دائما للتجديد و البحث عن الاحدث و بالنسبة له الاحدث دائما الافضل نتيجة لمتلازمة خرافة التقدم و التأخر التي يعاني منها الانسان.
و يتدخل ايضاء انتماء الشخص، فيسهل ان يغيير الانسان سيارته و يصعب ان يغيير محرك بحثه و يستحيل ان يغيير ناديه المفضل او دينه.
و بالنظر لمجتمعنا و تكوينه نجده ينقسم الي نوعين : نوع قد ييتغير و يتخلي عن امتنائاته ليقفز لفئة تجعله يشعر بالتمييز اجتماعيا ، و قد يتخلي البعض عن تقاليدهم و عقائدهم من اجل هذا الشعور و في الاعمار الصغيرة قد يتخلي المراهقون عن مبادئ دينهم و اتباع تقاليد اديان اخري من اجل الشعور بالانتماء لطبقة ارقي. يعطي الانسان الاسباب و هو يقوم بهذا التغيير فلا يعترف ابدا بانه يقوم بذلك لينتمي لفئة مجتمعية افضل.
 النوع الثاني هم من يتمسكو و تكون قوة الانتماء عندهم عالية ، فتحتاج لاستراتيجية اقناع تحليلية اكثر و جوهرها الاقناع و يستحيل اقناعهم بنفس الطريقة الرأسمالية الهرمية المتٌبعة مع النوع الاول.
في معظم المجتمعات يعيش النوعان معا في تناغم و تجانس و تتداخل خطط التسويق لتحظي برضي كلا النوعين ، اما في مصر فالتركيبة الي حد ما اسهل بكثير. فلا يتداخل النوعان فعنصر السن يفٌرق كثيرا بين النوعين و العنصر الجغرافي يجعل من المهمة اسهل ان يكون لك خططين محتلفتين للتوجيه. فالاحياء الغنية تنتمي جميعها الي النوع الاول نظرا لكونه قريبين من قمة الهرم الرأس مالي ، فهم بطبيعة حياتم باحثون عن السلم الذي يصعد بهم للفئة الاعلي. و النوع الثاني تجده بكثره في الاماكن التراثية و الشعبية بغض النظر عن الفقر ، فقوة الانتماء لديهم هي من شيم الاصول و الاحترام . أما بالنسبة للعناصر التي يختبرها الانسان في حياته يكون اقواها الغير مادية ، للعناصر الغير مادية التي ربما يتعرض الانسان للتفكيير في تغييرها تتنوع من ضمنها الخدمات كشبكة المحمول و الانترنت و ايديولجيات كالتوجه السياسي و عقائد كالدين و تعاليمه ، و كلما كان الانتماء له علاقة قد تتضارب مع مصالح الانسان تقل فيه حدة الانتماء , ففي مثال شبكة المحمول قد يتخلي الانسان عن الشركة التي يظل يتعامل معها لسنوات اذا تعجزت عن تقديم شيء تقدمه شبكة اخري , و يستمر الانسان في تخليه عن الانتماء كلما تضارب مع مصالحه حتي نصل انه قد يتخلي ان اي شيء في لحظات الضعف و الخوف كالمرض ، ففيها يتخلي عن اي شيء.
للاسف في مصر التوجه السياسي غير شائع علي الاطلاق فهو ليس من ضمن الانتماائات التي ينتمي لها المصريين فيبقي الدين في المقدمة يليه النادي الاهلي ، لا استهجن و لكن يجب ان يأتي التوجه السياسي ثانيا ، بالطبع اصبح متواجد مؤخرا بين جموع النوع الاول الذي انتمي لتيار معين لنفس الاسباب التي ذكرتها بالاعلي و لكن ماذا عن النوع الثاني لقد تركنا له التوجه السياسي يختاره بنفسه بدون خطة توعية او حتي تسويق لتيار معيين. فتم ربط التوجه السياسي نسبيا بالدين حتي اصبح الامر شبه محسوم لفئة عريضة جدا من المجتمع ان الانتماء السياسي هو فرع من فروع الدين.
في المملكة المتحدة فترة الانتخابات هي اكثر الاوقات التي تبهرني بهذه المملكة فيكون صراع الاحزاب اشبه بصراع  ” السوبر سن داي” في الدوري الانجليزي , فالكل متحفز و الكل جاهز بخططه. فنجد حملات انتخابية عظيمة جدا يتم فيها التواصل مع الناخب لعرض البرنامج و التأكييد عليه و التربيطات مع الشبكات الاخبارية و الشخصيات العامة . فتكون الانتخابات اشبه بمباراة فعلا و كل هذا من اجل اقناع النوع الذي يمكنه تغيير انتمائه السياسي بسهولة ، حيث يوجد اخرون لن يغييرو انتمائهم لهذا التوجه الا بانهياره.
تحليلي لما حدث في الانتخابات الماضية و ما سيحدث بعد اسابيع ان كل استسهل ، فالليبراليين قلبوها تسويق و كأنهم يبيعون منتج و استخدمو الطريقة المستخدمة لبيع اي منتج في الهرم الرأسمالي الذي تعيشه الطبقة المتوسطة و الفوق متوسطة بمدن الحضر ، فخصدوا معظم اصواته. و الاحزاب الاسلامية اتجهت بكل قوتها لتقريب الانتماء السياسي للانتماء الديني . فكان الديربي الحقيقي بين حزبي النور و الاخوان ، و كانت الغلبة للاخوان لوسطيتهم النسبية في هذه المعركة و تاريخهم .
تقييمي للانتخابات و قوتها بمراحلها تحصل علي واحد من عشرة باستثناء المعارك الفردية بالاسكندرية، الدقهلية و الجيزة .
ستأتي الانتخابات الرئاسية قريبا و اتمني ان اري حملة رئاسية تقرأ في نتائج الانتخابات البرلمانية و تستوعب النوعين الذان تحدثت عنهما جيدا ، فالنوع الثاني سيستهلك مجهودا اكبر و طاقة بشرية اضخم و لكن نتائجه ستكون زرع التوجه السياسي كنوع من الانتمائات التي ينتمي لها المصريين و يبدأ بتشكيلها و تحديد ابعادها و طرق استعماله في حياته و دوره و واجباته تجاه هذا الانتماء . لا اقول انه سيستحيل ربطه بالدين بعد ذلك و لكن سيكون من المستحيل تنفيذ ذلك في الدورات القادمة لان حينها سيكون التوجه السياسي تبلور و اصبح له شكل و كيان بحياة المصريين . 

No comments:

Post a Comment

ShareThis