22.5.13

هل تحل القابضة للكهرباء و البنوك ازمة الطاقة ؟




في مقالي السابق الذي تم نشره الشهر الماضي تحدثت عن الازمة التي تمر بها مصر في مجال الطاقة و كنت قد توقعت ان ينخفض انتاج مصر من الكهرباء المولدة الي 88 مليار كيلوات ساعة و معنى ذلك انه مع ارتفاع الاحمال وقت الذروة من الساعة 3 ظهرا حتي 8 مساء لن تسطتيع القابضة للكهرباء  سوى توفير 70% من الطاقة المطلوبة فتعيش 30% من مصر في ظلام
و المشكلة التي نواجهها هي في الحقيقة لها شقين, الشق الاول - و هو الاهم - هو الوقود فنحن لا نملك الوقود الاحفوري الكافي لتشغيل محطات التوليد بشكل قياسي, فمع نقص الوقود تضطر الشركة القابضة لاخراج بعد المحطات عن الخدمة و قطع الكهرباء عن بعد الاحمال.
 الشق الثاني اقتصادي و مرتبط بالدعم الذي تقدمه الدولة في مجال الطاقة , و لتخيل المشكلة دعني اقارن بين مصر و المملكة المتحدة التي تساهم فيها ضرائب الطاقة في ميزانية الدولة بحوالي 25 مليار جنيه استرليني بينما في مصر تنفق الدولة ما يقارب من 35 مليار جنيه مصري لدعم المواطن في تحمل تكلفة الطاقة.
مشكلة الدعم ستبقي المشكلة العظمى في ازمة الطاقة في مصر لان التدخل الحكومي و مساهمة الحكومة في تحمل نفقات كهرباء المواطن تجعلنا نرى الكهرباء حق من الحقوق و ليست منتج تقوم شركة بانتاجه و بيعه و تهدف لتحقيق ربح من خلاله.
دعوني اكمل المقال في صورة سؤال و جواب حتي لايصبح مملا

هل هناك حل سريع لانقاذ مصر من هذا الظلام؟
لن تستمر الازمة طويلا هذا الصيف, فسوف تصل مصر خلال يونيو شحنات الوقود القطري  لتنقذ مصر من الازمة مؤقتا و مع انتهاء ازمة محطتي دمياط سوف يتحسن الوضع و لكن ستبقي ساعات الذروة تحتاج لترشيد استهلاك من المواطن لارتفاع احمال الذروة عن القدرة الكلية للمحطات

ما هو الحل لتفادي الازمة مستقبلا؟
لتفادي الازمة مستقبلا هناك بعد الاصلاحات في كيان القابضة للكهرباء التي اوصي بها بشدة و اهمها في المجال الصناعي. فالمجال الصناعي يستهلك 20% من الكهرباء المولدة مصر و من المتوقع ان يصل في 2020 استهلاك الكهرباء صناعيا الي 90 مليار كيلوات ساعة
فالقابضة للكهرباء تتعامل مع المنشئات الصناعية كما تتعامل مع الشركات في التحصيل عن طريق قراءة العداد الكهربي فتقوم المنشأة الصناعية بدفع التكلفة للقابضة للكهرباء شهريا في حين ان التعامل بين القابضة للكهرباء و المؤسسات الصناعية يكون علي مستوي مختلف
فالمنشأة الصناعية عند توصيل الكهرباء تقوم بدراسة احمالها المختلفة ثم تقوم بتقديم طلب للحصول علي خطين و لتقديم مثال علي ذلك سأتحدث عن منشأة صناعية درستها عمليا و هي مدينة الانتاج الاعلامي حيث تقدم محطة النايل سات خطين بقوة  22 الف فولت خط رئيسي و خط بديل بعد دراسة  للاحمال المحيطة و اذا ما كان يستوجب ان يكون توزيع حلقي او خطي. يستمر التواصل بين الجهتين موجودا في حالات الصيانة و انقطاع التيار بشكل متواصل فيصبح الامر خدمة مستمرة تقدمها شركة الكهرباء تفوق كثيرا مستوي الخدمة التي تقدمها للشركات مثلا
لذلك ارجح بقوة ان يتحول التعامل ليكون بنكيا بين الشركتين. بحيث يستوجب وجود اعتمادات ائتمانية لتحصل القابضة للكهرباء سنويا قيمة الطاقة المستهلكة سنويا من البنوك الضامنة للمؤسسات الصناعية المختلفة. و سبب ترجيح التعامل البنكي لانه يوفر غطاء ائتماني للقابضة للكهرباء يسمح لها بالتوسع في الانشاءات و المحطات الجديدة في اي وقت و بأي تكلفة.
و هل الهدف من المشروع هو الضمان المادي فقط ؟
الضمان الائتماني المنعدم المخاطر التي ستحصل عليه القابضة للكهرباء سيوفر لها حرية التعامل كشركة منفصلة عن الحكومة  و يوفر ايضا فرص التحول لنظام متطور ليسمح  للمؤسسات الصناعية العملاقة  التي يبلغ استهلاكها سنويا اكثر من 25 مليون جنيه ان تساهم في عمليات انشاء المحطات الجديدة عن طريق مشاركة القابضة للكهرباء في الانشاء و تكاليف الوقود السنوية و مصاريف ادارة المحطة.
و بذلك تتفادي الدولة مخاطر ارتفاع اسعار الوقود حيث تتحمل المؤسسات الصناعية المساهمة التكلفة الاجمالية للمحطة, و يؤدي ذلك ايضا الي عمل المحطة بشكل طبيعي من ناحية توفير الوقود بسبب الغطاء الائتماني الذي يسمح بتوافر الوقود بشكل مستمر
سأقوم بشرح الفكرة لاحقا بشكل تفصيلي في مقال اخر و اوضح الاختلافات عن المشروعات المشابهة الموجودة كمشروعات شرق التفريعة و غرب القناة.

ماذا عن الكهرباء المنزلية ؟ كيف يساهم المواطن العادي في حل الازمة ؟
وجدت بعض الدول حلولا مبتكرة جدا لازمة تكلفة الطاقة و اشهرها نظام المساهمة حيث يساهم المواطن في توليد الكهرباء من خلال محطات صغيرة بمنزله.
ظهر هذا النظام في الولايات المتحدة في  1978 من خلال قانون الطاقة القومية الذي اقره جيمي كارتر, لم يلقى نجاحا كبيرا في الولايات المتحدة و لكنه نجح نسبيا في المانيا التي اقرته في 1990 ثم قامت بتعديله في عام 2000
النظام الالماتي ذكي جدا حيث يسمح للمستهلك بتوليد كميات بسيطة من الطاقة من خلال مصادر مختلفة يساهم بها في الشبكة الرئيسية و تدفع له الدولة سنويا ارباح الكهرباء التي قام بتوليدها. تقوم العديد من الدول بتطبيق هذا النظام بعد ان نجح في المانيا, و من الدول التي تتشابه مع مصر و تقوم بتطبيق هذا النظام هي الهند و الجزائر.
حيث تتعاقد الدولة مع اصحاب البيوت و العقارات لانشاء وحدات توليد صغيرة تختلف في انواعها, ففي بعض المناطق الصحراوية يتم تركيب وحدات توليد شمسية صغيرة و بعد المناطق الريفية و الساحلية يتم تركيب وحدات توليد بالرياح و يقوم صاحب العقار بدفع تكلفة الوحدة بتسهيلات بنكية و يتعاقد مع الدولة لمدة 20 سنة ان تدفع له سنويا قيمة الكهرباء المتنبقية من استهلاكه التي يساهم بها في الشبكة الرئيسية

كيف يمكن تنفيذ المشروع في مصر ؟
يبدأ مشروع المشاركة في الغالب في دول العالم الاول بملء نموذج الانضمام و بيانات صاحب العقار فيقوم مندوب احد الشركات الاستشارية التي تم تعهيد المشروع لها بزيارة العميل و فحص المكان المخصص لانشاء المحطة و تحديد وسيلة التوليد المناسبة بالطبع بعض التأكد من بعد الاعتبارات البيئية و تأثير عملية التوليد علي النباتات و الطيورو هي امور تعتبر رفاهية لا نملكها في هذه المرحلة الحالكة السواد من تاريخ مصر
بعد تقديم الشركة الاستشارية البرنامج المناسب للعميل و القدرة المناسبة التي يمكن توليدها يقوم العميل بشراء المحطة من شركة الكهرباء و يقوم بالسداد عن طريق اقساط شهرية مع الوسيط المالي بينهم و يرجح ان يكون بنكا حكوميا.
بعد الانتهاء من عملية الشراء و مع الانتهاء من عملية تركيب المحطة بموقعها يتم تركيب عداد ثلاثي الاطوار لحساب كمية الطاقة التي سيتم توليدها من المحطة و بعد الانتهاء من تركيبه  يوقع العقد المواطن مع الشركة القابضة للكهرباء عقد موثق لمدة 20 – 25 عام موضح به ثمن الكيلو وات ساعة التي سيتم توليدها من المحطة و تقوم الدولة في معاد معين بدفع قيمة الطاقة التي ساهم بها العميل في الشبكة القومية
من اين سيأتي المال الذي ستدفعه الدولة ؟
الاموال التي سيحصل عليها العميل صاحب محطة التوليد ستأتي من المستهلك مباشرة بدون تحصيل ضرائب منها, حيث سيدفع المستهلك الطاقة التي استهلكها بجانب الرسوم الاخرى التي ستدخل خزينة القابضة للكهرباء كرسوم ادارية لتغطية التكاليف التي تتحملها من رواتب موظفين و تكاليف الصيانة
لماذا يعتبر هذا المشروع مناسبا لمصر؟
يعتبر المشروع من المشروعات المناسبة جدا لمصر خصوصا لو تمت الاستعانة بالمحطات الشمسية لسببين رئيسيين. اولهما هو ان مشكلة الطاقة الكهربية في مصر ستستمر حتي عند توافر الوقود لارتفاع الاحمال بشدة وقت الذروة و هو الوقت الذي تعمل فيه المحطات الشمسية بشكل قياسي فيؤدي ذلك الي تفادي خفض الاحمال.
 السبب الثاني هو التوسع في الطاقة الشمسية دون تحمل الدولة تكلفة الانشاء و تكلفة الاراضي التي ستقيم عليها المحطات الشمسية الضخمة, حيث ان المحطات الشمسية تحتاج لمساحة شاسعة لانشائها


 ما هي التكلفة لانشاء محطة شمسية و العائد المتوقع ؟
يمكن حساب التكلفة من خلال حساب المساحة الموجودة لدي العميل التي يمكن تركيب الواح شمسية بها. في اغلب البيوت المصرية تكون الاسطح هي انسب مكان للالواح الشمسية. و بالنسبة للطاقة الشمسية فانه يمكن توليد حوالي 10 وات لكل قدم مربع في ظروف السماء الصافية بدون وجود سحب.
فاذا كانت مساحة السطح 200 متر مربع  فبتحويلة للقدم يكون 2152 قدم مربع فيصبح من الممكن توليد 21 كيلووات و بحساب انه يوم صيفي تستمر الشمس في السماء بقوتهل لمدة 5 الي 7 ساعات بذلك تكون الالواح الشمسية قد قامت بتوليد حوالي 50 الف كيلوات ساعة سنويا.
حاليا يوجد المئات من الشركات المصنعة للالواح الشمسية اشهرها الشركات الصينية تبلغ سعرها من 200 دولار حتي 500 دولار للوحدة الواحدة. و في المتوسط تبلغ قدرة الوحدة الواحدة 250 وات بمعني انه نظريا تحتاج لعدد 4 الواح شمسية لتوليد قدرة تبلغ 1 كيلوات و لكن عمليا ستحتاج لدراسة هندسية بسبب فقد بعض من هذه الطاقة الكهربية لعدة عوامل ميكانيكية و كهربية.

في النهاية كما كتبت في المقال السابق كل هذه الافكار تحتاج الي ارادة سياسية من دولة قوية قادرة علي التغيير و مواجهة الازمات و ليست تلك الدولة الكسيحة التي تدرس جميع مشروعاتها من وجهة نظر انتخابية و تحاول تحويل ادارة الدولة الي مكسب سياسي دون النظر الي ما هو ابعد من ذلك. 

1 comment:

ShareThis